حركة فيمن هي حركة سياسية نسوية تأسست في أوكرانيا سنة 2008. عكس ما يعتقد البعض، ليست حركة فيمن أول من إبتدع التعري ـ تعري الصدر أو الجسد كله ـ كوسيلة إحتجاج، ولكن كما يحلو لعضوات الحركة أن يقلن، هي أول حركة إحتجاج منظمة نسوية 100% بهذا الأسلوب. كانت لفيمن أوكرانيا إحتجاجات عدة لعل أبرزها إحتجاجاتهن ضد التحرش الجنسي في الجامعات الأوكرانية والدعارة إلخ. كما نظمن إحتجاجات أخرى أمام سفارة إيران في قضية سكينة أشتياني، سفارة السعودية في قضية منع النساء من قيادة السيارات، وسفارة جورجيا ضد إحتجاز الصحفيين.
رغم البعد الأوكراني في تأسيس الحركة، فإن الحركة أصبحت عالمية مع تتالي نجاحاتها في تدويل قضايا عدة، حيث إنتقلت العدوى بسرعة إلى باقي أوروبا. في فرنسا مثلا، ضمت الحركة إحدى مؤسسات المنظمة النسوية الشهيرة "لا عاهرات ولا خاضعات" المدعوة صفية لبدي. قدمت فيمن في فرنسا الدعم للمدونة المصرية علياء مهدي وقامت بعض الناشطات بمظاهرة لدعم حقوق النساء المسلمات.
تقوم حركة فيمن عادة بالإحتجاج ضد الديكتاتورية، الدعارة والأديان ـ وخاصة المسيحية ـ ولعل الدعارة والتجارة الجنسية هي النقطة التي لا يفهمها المواطن العربي والمسلم عموما، حيث يرتبط السفور والعري لدى المرأة في المخيال الشرقي بالرغبة في الممارسة الجنسية والدعوة إليها، وهو ماليس صحيحا في حالة الإحتجاج المدني. ولعل أهم الركائز التي تقوم عليها فلسفة فيمن هي أن الجسد الأنثوي الذي يجلب الإنتباه الذكري يمكن أن يصبح أساسا لنقل رسائل إحتجاج سياسية، حيث لن يحضى شعار مكتوب على لافتة بنفس الإهتمام الذي يناله نفس الشعار على جسد شابة عارية الصدر.
بالنسبة لأمينة تايلر، فهي مواطنة تونسية من مواليد سنة 1993. يبدو أن إنتمائها لحركة فيمن أمر مفروغ منه بعد حادثة 29 ماي 2013 عندما قامت 3 فتيات أجنبيات بالإحتجاج بنفس الطريقة المعهودة في تونس العاصمة مطالبة بالحرية لأمينة. في نفس الوقت تقوم منظمة فيمن بعملية جمع تبرعات لتأمين الدراسة في أوروبا لأمينة.
حسب رأيي الشخصي، قضية أمينة ليس فيها تلاعب بها، حيث تعتبر نفسها منسجمة تماما مع أطروحات فيمن المناهضة للدعارة والديكتاتورية والأديان. في المجتمع التونسي المحافظ في باطنه، المتفتح في ظاهره، تكشف قضية أمينة تايلر عن تناقضات جسيمة. من مستوى ديني، يضمر أغلب التونسيين حقدا دفينا لأمينة نظرا لأنها "دنست" شرف التونسيين، وهذا الإحساس نابع من الثقافة البدوية التي كانت سائدة في البلاد في ما قبل الإستقلال والتي، رغم تمدن أغلب التونسيين، مازالت موجودة في ثقافتهم وأحكامهم الأخلاقية.
تبرز التناقضات في المجتمع التونسي حالما نعود لتحليل ما يسمى بالثورة، الحدث الذي ألقى بظلاله على كل العالم العربي والذي إنطلق من تونس، عندما أقدم بائع متجول على إحراق نفسه إحتجاجا على معاملة شرطة التراتيب البلدية له. من المنظور الديني، الإنتحار هو أسوأ بكثير من التعري في مكان عام، ورغم ذلك فإن التونسيين يتعاملون بإنكار مريب مع هذه الحقيقة : حيث أصبح محمد البوعزيزي إلى حد ما شخصية تاريخية، وأطلق إسمه على شوارع وساحات عديدة. سرعان ما طور التونسيون نسخة جديدة من القصة ليتم إنزال البوعزيزي من مستوى البطل : حيث أصبح البوعزيزي سكيرا وعربيدا، وإلى حد ما بلطجيا، ولعله أقدم على إحراق نفسه وهو سكران، أو ربما أحرق نفسه على وجه الخطأ!
بنفس الأسلوب، أصبح الرأي العام يتداول رواية جديدة عن أمينة، المريضة عصبيا ونفسانيا التي لا تعي ما تفعل (وواضح جدا أنها تعي ما تفعل خاصة من خلال كتابتها لشعار محدد في صورتها على فايسبوك). هنا لا بد من أن ندرك الدور المهم لأمينة ومثيلاتها، فمثل هذا الإستفزاز هو الذي يكشف عن التناقضات الغريبة والمثيرة في الشخصية التونسية، والتي لا يمكن حصرها في مجرد إحتقار الأنثى وكره الحداثة والتدين الأعمى اللامتسامح من طرف نفس الأشخاص الذين يمارسون الجنس خارج إطار الزواج ويستعملون آخر المنتجات التكنولوجية بافتخار ويخالفون قواعد دينهم بشرب الخمر وإستهلاك المخدرات.
Commentaires