لا أعرف لماذا لا يجد أغلب الناس في وطننا حلولا أو إمكانيّات خارج عبادة الأشخاص والبطولات المفترضة في ما إنقضى من التاريخ . ربّما هي حالة مرضيّة أصابت الوعي العربي ـ الذي لا يمكن إعتباره في العمل السياسي سوى لا وعي ـ ولكن توجد أيضا أسباب أخرى . طبعا هذه الحالة ليست وصفا للمتزمتين الدينيين فحسب، فقد تحدثت عنهم بما يكفي، ولكن يتعلّق الأمر بالمتزمتين السياسيين أيضا، خاصة القوميين والشيوعيين منهم . أما الشيوعيون فقد كانت الإجابة لهم واضحة في العشرين سنة الماضية بانهيار جدار برلين والإمبراطوريّة السوفياتيّة سيئة الذكر التي تفخر بأنها قتلت من أبنائها أكثر ممن قتلت من أعدائها. ولا شيء يعبّر عن وضع الشيوعيّة اليوم أكثر من كوبا و كوريا الشماليّة والصّين، حيث لا قيمة تذكر للإنسان. وما لم يلتزم الشيوعيون بمشروع جديد يمثّل نقلة نوعيّة في التنظير، فإن دورهم سيبقى هامشيا رغم أن ذلك لايمثل نقصا في وطنيتهم بقدر ما هو فشل أيديولوجي. ولكن فيما يخصّ القوميين فالوضع مختلف : فدعايتهم على طريقة السوفيات أنقذتهم من موت أفكار...