في الحقيقة، لم أستطع أن أنسى أي شيء عنها. ولكنني مللت مرحلة الصدام مع الناس، مللت مرحلة الجدل والنقاش، مللت رحلة التفكير وسط غيمات من دخان السجائر وموسيقى المقاهي الرخيصة. ولم تكن تعني لي شيئا من الناحية العاطفية المحضة. لم نتجاوز يوما حدود اللباقة ولكنني كنت أعتبرها صديقة فقط. ولكم نحن في حاجة إلى صديقات ! هناك أشياء لا يمكن للصداقة بين الرجال أن تحتملها. هناك صداقة مع الأنثى تكون أعمق وأشد صراحة أحيانا. بعد أكثر من سنة، قررت أن أعود لرؤيتها. كنت أنا الذي غيرت مكان جلوسي، من المقهى العتيق المعتاد إلى غرفتي البائسة، لأتفرغ لنفسي وكتاباتي، كل تلك الكتابات التي كنت أهدر فيها ساعات طويلة، لأكتشف فيما بعد أنني كنت واهما، وأنني لم أكن أكتب بقدر ما كنت أنفعل ضد نفسي. كل تلك الحكايات التي سأسردها لها، وكنت أعرف أنها ستسخر مني طول الوقت. طيلة الأشهر التي مضت منذ آخر لقاء لنا، لم يكن بيننا أي إتصال. وهذا أمر طبيعي لأننا كنا نلتقي هناك في المقهى بدون موعد، دون إتصال هاتفي ونفترق دون أخذ موعد آخر. كنا نعرف جيدا متى وكيف نلتقي، كان الأمر أشبه بالعودة إلى البيت بعد يوم عمل. دخلت المقهى بعد ...