Accéder au contenu principal

العنف مؤشر على الإفلاس السياسي

مرة أخرى تكشف قواعد النهضة عن مدى إفلاس حركتها سياسيا، وهذه المرة، عبر ذلك الإعتصام أمام مقر التلفزة الوطنية. كان إنتماء المعتصمين واضحا من خلال مظهرهم وتم التعرف على الكثير منهم من طرف مرتادي الشبكات الإجتماعية. إنهم هم، شباب حركة النهضة الذين يبررون منذ أسابيع عدائهم للإعلام بكونه يشوه أو يغطي على عمل الحكومة. طبعا هو زور وبهتان لأن ما من شيء يملأ الإعلام من كل الجهات سوى وجوه أعضاء الحكومة والمجلس التأسيسي النهضاويين، بل إنني أذكر أن النهضة نالت نصيب الأسد من التغطية الإعلامية حتى قبل وصولها إلى الحكم.
ما المشكل إذن ؟ المشكل هو أن حركة النهضة مفلسة سياسيا وتقنيا، حيث أن نظرة على نواب النهضة في التأسيسي تكشف عن أنهم لا يملكون القدرة كأفراد على تكوين رأي شخصي من أي قضية. عملهم سهل : رفع اليد حين يفعل رئيس الكتلة ذلك. من الملاحظ أن طرفي الإئتلاف العلمانيين (المؤتمر والتكتل) لم يدخلا في هذه السجالات التي إبتدعتها قواعد شريكهما الإسلامي لإنشاء نظرية المؤامرة التي تفسر إفلاس وفشل حركتهم السياسي.
من المؤسف إذن أن نكتشف من جديد مدى إنحطاط مستوى حركة النهضة في أغلب المستويات : حتى عامر العريض الذي يعتبر رمزا في الحركة قبل كل شيء، حين نبهه المنشط التلفزي أنه أمضى الكثير من الوقت في سفسطة مجانية دون الإجابة عن الأسئلة المطروحة عليه، عكس الهجوم على المنشط ذاته وإتهمه بقلة الأدب. كيف تنتظرون من القواعد أفضل من هذا ؟ منذ أيام إقتحم نائب في التأسيسي قسم الأخبار في التلفزة الوطنية. أليس مجرد الإقتحام همجية ؟ وفي الصور التي شاهدناها عن أحداث الأمس رأينا تهديدا واضحا لحياة الصحفيين، فهل كان المتظاهرون في 9 أفريل يهددون أحدا بالقتل؟ التواطؤ واضح من وزارة الداخلية ولهذا يجب أن تكف عن الكذب المفضوح والحديث عن عنف متبادل وإستفزازات متبادلة.
يبدو أن رأس المال النهضاوي (وهو كلمة "الإسلامية" التي تعقب إسم الحركة) قد أصبح غير كاف لحشد الدعم. ومن هنا تفسير العنف النهضاوي الذي تفعل وزارة الداخلية المستحيل من أجل إخفائه : ذلك أن أتباع حركة النهضة هم عموما منساقون وراء المثالية الدينية التي شبعوا من رضاعتها بفضل القنوات الدينية الفضائية الشرقية وجمود الفكر الديني التونسي في عصر الديكتاتورية، حيث خيل لهم أن مجرد إسباغ صبغة دينية على أي شيء يجعله مثاليا، وهو غباء لا نظير له. الفرق بين الإسلاميين والعلمانيين هو أن الإسلاميين هم متعصبون دينيون حتى لو أنكروا ذلك، في حين أن العلمانيين هم متعصبون تكنوقراطيون أو أيديولوجيون. أعتقد شخصيا من هذه الناحية أن العلمانيين البراجماتيين هم الناجحون عادة، فهم يعملون بأسلوب واقعي، في حين أن الإسلاميين والأيديولوجيين بصفة عامة مصيرهم الفشل عاجلا أم آجلا.
قلت أن إنهيار المثالية الدينية في السياسة، وهو أمر نشاهده يوميا في تونس، لهو سبب رئيسي في ظهور نزعة الشمولية لدى أنصار حركة النهضة. ليس أكثر إثارة للتعصب الديني إمتلاك المرزوقي وهو الرئيس العلماني للجمهورية، رغم كل ما قيل عنه، لأكبر نسبة من الثقة من طرف الشعب حسب كل إستطلاعات الرأي التي أجريت هذر السنة. كذلك لا ننسى أن أعضاء الحكومة الذين وجهت لهم إنتقادات في التأسيسي هم جميعا نهضاويون. إنها ليست صدفة أن يكون علي العريض والمنصف بن سالم الأفشل في إدارة وزاراتهم. وحتى اليوم، والأزمة السياسية تعصف بشريكي النهضة العلمانيين، فإنهما يبدوان أقدر من أي طرف سياسي آخر على التدارك وإعادة الهيكلة، في حين أن النهضة أخطأت كثيرا على المستوى السياسي. طبعا لا يجب أن يفهم هذا الكلام على أنني أتنبأ بهزيمة النهضة في الإنتخابات القادمة، لأن ذلك شبه مستحيل (مع وجود نسبة كبيرة من الناخبين يصوتون بدفع من الوازع الديني حصرا، وهم طبعا ليسو علمانيين) ولكن مثل هذه الإدارة الغير رشيدة للوضع من طرف النهضة تجعلها تخسر سياسيا ما تكسبه بالإنتخابات، وهو ما يرضي إلى الآن، العلمانيين (سواء في الإئتلاف أو المعارضة) لمعرفتهم بضرورة وجود جيل جديد من الناخبين لهزيمة الإسلاميين.
هاهي النهضة إذن تصبح معزولة. ما ينقذ الحكومة الآن هو عدم وجود البديل، فالمعارضة بأطيافها ما زالت تقوم بتغييرات جدية إستعدادا لمعركة إنتخابية قريبة، فهي غير مستعدة الآن لإسقاط الحكومة. لن يستفيد أحد من سقوط هذه الحكومة ولذلك فالجزع الذي أظهرته النهضة باختلاقها لمخططات "إنقلاب مارس" الكاذبة ليس سوى ضربة دعائية غير محترفة لاقت فشلا ذريعا. إنتهت خرافة "تآمر اليسار" ولم يعد يصدقها إلا ساذج أو متواطئ. ومع المأزق الكبير الذي تقع فيه النهضة، وهو عدم إلتزام قواعدها بالديمقراطية، فإن المعارضة تسعى لتواصل هذه الظاهرة لتدفع كل من لازم بيته في 23 أكتوبر المنقضي إلى التصويت إلى أي طرف علماني (وليس المعارضة فقط)لأن إستبعاد أي طرف علماني أو يساري من العملية هو دفع به إلى حضن النهضة. القاعدة التي تعمل من أجلها المعارضة هي أن تفوق أي حزب يساري على النهضة يساوي تحول النهضة إلى المعارضة، وهو أمر يبدو حتميا مع تململ الجميع من التلوث النهضاوي الذي أصاب الساحة السياسية.
باختصار، مازالت النهضة تملك ورقتين الآن : حزب التحرير والسلفيون. حالما تستعمل إحدى هاتين الورقتين سيكون ممكنا أن نعرف مدى وعي قيادة النهضة بالمأزق التي هي فيه. أما الآن، فالأمر ليس سوى حساب إحتمالات.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

GNS3 on Manjaro/Arch Linux: How to create virbr0 for NAT to work

Problem: You can't add a NAT connection to your GNS3 simulation, and you get the error : "ERROR template_manager:226 Error while creating node from template: NAT interface virbr0 is missing, please install libvirt" Steps to resolve: 1- Create a file named /tmp/default.xml 2- Paste this content and save: <network>   <name>default</name>   <bridge name="virbr0"/>   <forward mode="nat"/>   <ip address="192.168.123.1" netmask="255.255.255.0">     <dhcp>       <range start="192.168.123.2" end="192.168.123.254"/>     </dhcp>   </ip> </network> 3- Execute the following commands in your shell : virsh net-define /tmp/default.xml sudo virsh net-start default sudo virsh net-autostart default  

GNS3: Simulating a 100% opensource site2site VPN using Wireguard, VyOS and OpenVSwitch

 This is something I had in mind but didn't find the time to accomplish before. It just took a very cold day to convince me that I have to play with Wireguard on VyOS. I used GNS3 of course, on my personal Linux laptop to create this setup. Of course the performance was not that great since it is just a simulation.  In real life, I am using Wireguard on a 10 years old Raspberry Pi Model B and amazingly with just a 700MHz single core ARM CPU and less than 512 MB of RAM I had a decent and stable permanent Wireguard tunnel. (My bandwidth would reach 24 Mbps without issue) Back to my simulation, this is what it looks like : Quick explanation: the VYOS routers labeled IPERF1 and IPERF2 are only used for an iperf3 test, which was able to reach about 50 to 60 Mbps each time. It ain't much but it was honest (and free) secure bandwidth! I won't get into the details of this setup but I will just post the two most important configurations : R-East and R-West : #### VYOS WireGuard Site

AutoWG: a simple Bash script to connect two devices with Wireguard

 I made today a quite simple BASH script that allows to connect two devices running Wireguard (tested with Debian Linux 12, but should work with any device) You can check it out (and fork it if you want) in this Gitlab Page This is the source code as of now, but I could modify it later (any suggestions are welcome) : #!/bin/bash # # AUTOWG written by Hamdi KADRI  # No copyright in any form or kind # This script is intended to create configurations for  # a point-to-point Wireguard connection between a server # and a client (/30 network) # # Step zero: declare configurations as variables servercfg="[Interface] Address = <serverwgIP> SaveConfig = true ListenPort = <port> PrivateKey = <server-privatekey> [Peer] PublicKey = <client-pubkey> AllowedIPs = <clientwgIP> " clientcfg="[Interface] PrivateKey = <client-privatekey> Address = <clientwgIP> [Peer] PublicKey = <server-pubkey> AllowedIPs = 0.0.0.0/0 EndPoint = <serverIP>